الإيمان والسياسة في أميركا
تعتبر العلاقة بين «الإيمان» والسياسة في الولايات المتحدة من الأبعاد الأساسية لفهم حركة المجتمع الأميركي وملامح هويته. من الشخصيات البارزة في هذا السياق، نجد الرئيس السابق جيمي كارتر، وهو ديمقراطي ومؤمن مسيحي، والرئيس الجمهوري رونالد ريغان، الذي كان يُنظر إليه كزعيم للنور والإيمان في مواجهة ما عُرف بمعسكر الظلام والإلحاد خلال فترة الحرب الباردة. هذه الفجوة بين الإيمان والسياسة تعكس الصراعات القيمية التي تتخبط بها البلاد منذ عقود.
الدين والسياسة في الحياة الأميركية
قد برز هذا الصراع مجددًا مؤخرًا عندما دعت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت، إلى الصلاة من أجل الأطفال وعائلات ضحايا حادث إطلاق النار الذي وقع في مدرسة بمدينة مينيابوليس بولاية مينيسوتا. على الجانب الآخر، جاء رد المتحدثة السابقة للبيت الأبيض، جين بساكي، التي اعترضت على هذه الدعوة، مؤكدة أن الصلوات وحدها لا تكفي لإعادة الأطفال للحياة.
شهدت المناقشات حول هذا الموضوع تفاعلات غير محدودة، إذ قام النائب عن ترمب، دي فانس، بإطلاق ردود ضد بساكي، بينما عبرت تولسي غابارد، مديرة الاستخبارات الوطنية، عن موقفها في منصة «إكس»، مشيرة إلى أن الناس يلجأون إلى الله في الأوقات الصعبة. وطرحت تساؤلات حول أسباب ردود الفعل السلبية تجاه هؤلاء الذين يطلبون العون الإلهي، موضحة أن هذه الردود تأتي من نقصان الإيمان، معتبرةً أن هذا يمثل تهديدًا لتطلعات بعض الأشخاص.
إن توظيف المشاعر الدينية والطاقات الإيمانية في ساحة السياسة يُعتبر سمة مميزة للحياة السياسية في الولايات المتحدة، رغم أن الدستور الأميركي قد وضع أسسًا علمانية. وفي ضوء مسح أجراه معهد «بيو» عام 2015، تبيّن تراجع نسبة الذين يعرّفون أنفسهم كمسيحيين من 78% في عام 2007 إلى 70% في 2015، بينما ارتفعت نسبة الذين لا يشعرون بالانتماء الديني، خاصة بين الفئات الشابة، إلى نحو 23%.
ترجع هذه التغيرات إلى ما يقارب عقد من الزمن، وهو زمن كافٍ لبروز مزاج جديد، وقد كانت الأبعاد السياسية لم والدوافع غير الليبرالية واضحة في انقلاب ترمب. إن لعبة الدمج بين الدين والسياسة تبدو أنها منذ الأزل جاذبة للناس، وهذا يساهم في فهم السياقات التاريخية والمعاصرة للهوية الأميركية.