
رحيل الأديب السعودي جبير المليحان
فقدت الساحة الثقافية السعودية، مساء الثلاثاء، الأديب والقاص جبير المليحان. يُعتبر المليحان من الرواد في كتابة القصة القصيرة بالمملكة، وقد أسس “شبكة القصة العربية” التي احتضنت آلاف الكتاب العرب على مدى ربع القرن الماضي. توفي المليحان بعد صراع طويل مع المرض، حيث تعرض لجلطة دماغية قبل أسابيع أثرت بعنف على قدراته الجسدية والحركية. ورحل تاركًا وراءه إرثًا ثقافيًا وأدبيًا وإنسانيًا غنيًا بالمعاني، فقد كان مثالًا للمثابرة والعطاء في مجال الأدب والثقافة.
رحيل الكاتب الخلاق
وُلد الأديب السعودي جبير المليحان عام 1950 في قرية قصر العشروات جنوبي حائل، بحيث نشأ في عائلة كانت تمتهن الفلاحة، مع أمٍ كانت تنظم الشعر. درس المليحان في الصباح وعمل في الحقل في المساء، وغالبًا ما كان يستريح تحت الأشجار أو بين كومات القش ليكتب نصوصه الأدبية التي سعى من خلالها لإيجاد فرصة في النشر. على مدار أكثر من خمسين عامًا، كان يحمل قلمه ليكتب الحكايات، وينسج القصص المليئة بالعواطف والجمال، بأسلوب لغوي متميز. وعندما كان طفلًا، بدأ يكتب الخواطر أثناء تنقله بين الحقل والساقية، وبحث باستمرار عن منصة تتيح له سرد إبداعاته.
في المرحلة المتوسطة، نشرت له الأديب الكبير محمد العلي أول نص قصصي له، وقد كان بينهما رباط وثيق. فالأديب محمد العلي تأثر بتجربة المليحان القصصية، خصوصًا في نصوص مثل “الوجه الذي من ماء” و”الماء.. الماء.. الماء”. بالإضافة إلى ذلك، عمل المليحان في الصحافة خلال فترات مختلفة من حياته، بما في ذلك فترة التدريس.
برزت تجربة المليحان الأدبية الأبرز حين أسس منصة إلكترونية للقصة القصيرة تُعتبر الأكبر في العالم العربي، حيث نشر عبر موقع “القصة العربية” إبداعات الكتاب العرب. وفي هذا الموقع، الذي يضم حوالي ألفي كاتب وقاص من 21 دولة عربية، جمع أكثر من 18 ألف نص قصصي، مع عدد مشتركين يتجاوز عشرين ألفًا. هذه المنصة لم تكن مجرد موقع، بل تحولت إلى مشروع ثقافي واجتماعي يدعم التبادل الأدبي والنقدي بين المبدعين العرب، ونجحت في تبني جيل جديد من الكتاب الذين حققوا جوائز مهمة.
شغل المليحان أيضًا رئاسة نادي الشرقية الأدبي، حيث قاد النادي خلال فترة كانت من أكثر فترات النشاط والإشراق في تاريخه، وركز جهوده على تطوير اللائحة الأساسية للأندية الأدبية. خلال مسيرته، تم تكريمه من قبل وزراء الثقافة في دول مجلس التعاون الخليجي، كما حصل على جوائز في مناسبات مختلفة، مثل جائزة وزارة الثقافة للكتّاب في فرع الرواية، عن روايته “أبناء الأدهم” في عام 2017.