«فرقة أبو سراج»… من أحياء الشعب إلى قمة الفن السعودي!

«فرقة أبو سراج»… من أحياء الشعب إلى قمة الفن السعودي!

فرقة أبو سراج للفنون الشعبية: مسيرة فنية للسعودية

انطلقت رحلة فنية مدهشة في حي شعبي بمدينة جدة لم يكن مخططاً لها، لكن مع مرور الزمن تألقت وتحولت إلى علامة شعبية فارقة في التراث الموسيقي السعودي. فرقة أبو سراج للفنون الشعبية لم تكن مجرد مجموعة فنية عادية، بل سافرت بألوان الفنون التقليدية السعودية إلى عديد من دول العالم، مقدمة فنونًا مثل «الخبيتي»، «العجل»، والطرب «الينبعاوي» الذي تفردت به وعملت على تطويره بالتعاون مع مجموعة من أبرز الشعراء والملحنين في الساحة.

تاريخ البداية

تبدأ القصة من مدرسة اليرموك بحي البغدادية الغربية، حيث كان عمر العطاس مؤسس الفرقة في الرابعة عشرة من العمر. خلال حفلات المدرسة، كان يعزف ويغني مع أصدقائه دون أن يدرك حجم النجاح الذي سينتظره مستقبلاً. يتذكر العطاس مواقف مختلفة من حياته الدراسية، مثل تعثره في مادة الهندسة، وهو ما دفعه لأداء أغنية بأسلوب «الينبعاوي»، ليعبر عن ارتباطه العميق بهذا الفن.

ازدهرت الأنشطة الفنية حتى عام 1403هـ، حيث انطلقت فكرة تأسيس الفرقة بمشاركة نحو 12 فرداً، بزعامة العطاس. وقدمت الفرقة أولى حفلاتها، مدعومةً من محمد مكوار، مالك إحدى قاعات الأفراح في جدة، حيث أحيوا حفلات زفاف مجانية للتسويق لنفسهم. في البداية، كانت المنافسة مع فرق تقليدية أخرى مثل مجموعة «أبو هلال» قوية، لكن الفرقة نجحت في إثبات وجودها في المشهد الثقافي.

انتشرت الفرقة لتكون رائدة في الفعاليات الثقافية والسياحية في الطائف، وأخذت دعواتها تتوالى إلى دول الخليج التي ارتبطت بها بعد أزمة الخليج. كما شاركت الفرقة في العديد من الفعاليات الدولية، مقدمةً ألواناً فلكلورية تمثل مناطق المملكة، سواء في احتفالات كاملة أو بعناصر مختارة.

تحديات وأزمات

مرت فرقة أبو سراج بتحديات جسيمة، أبرزها أزمة الخليج الثانية عام 1990م، التي أدت إلى توقف الحفلات، واكتفت بتقديم الأغاني الوطنية، مشيرةً إلى إنجازاتها في هذا المجال. خلال تلك الفترة الحرجة، تمكنت من إصدار مجموعة من الأغاني الوطنية، بفضل الدعم الذي حصلت عليه من شخصيات مهمة مثل الأمير ماجد بن عبد العزيز.

مع انطلاقها مجددًا بعد الأزمة، بدأت الفرقة بإصدار ألبومات موسيقية جديدة وابتكار أساليب تجمع بين التراث والتحديث. ساهمت في دمج آلات موسيقية جديدة مثل الناي والبزق، مما أضفى على عروضها طابعًا فنيًا فريدًا.

نجاحات وإنجازات

حصلت فرقة أبو سراج على العديد من الجوائز والمكافآت الإقليمية والدولية تقديراً لما قدمته من مساهمات فنية وثقافية. وسط النجاحات المتوالية، كانت هناك لحظات خاصة مثل تقديم أغاني خاصة للأمير سلطان بن عبد العزيز الذي كان له دور بارز في الدعم المستمر للفرقة.

لم تقتصر إنجازات فرقة أبو سراج على الحدود المحلية، بل تخطتها إلى العالمية، مستمرة في تقديم التراث الفني السعودي لأجيال قادمة. في ختام الحديث، يؤكد عمر العطاس أن الفرقة ستظل رمزًا للفخر والإبداع السعودي، وستحتفظ بمكانتها في رفع شأن الفنون الشعبية محليًا ودوليًا.

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *