في صباح التاسع عشر من أكتوبر 2025، خيّم الحزن على الأوساط الأكاديمية والقانونية في المملكة بعد إعلان وفاة الدكتورة الهنوف ناصر الهزاع، إحدى ألمع الأكاديميات السعوديات وخريجة جامعة هارفارد، عن عمر ناهز الأربعين عامًا، خبر رحيلها شكّل صدمة بين طلابها وزملائها الذين عرفوها بعلمها العميق وهدوئها وحرصها على دعم المرأة السعودية في مجالات التعليم والقانون.
من هي الهنوف الهزاع؟
وُلدت الدكتورة الهنوف الهزاع في السعودية ونشأت في بيئة تربوية دعمت طموحها العلمي منذ الصغر، حصلت على بكالوريوس القانون من جامعة الملك عبدالعزيز بتفوق، ثم واصلت مسيرتها الأكاديمية لتحصل عام 2013 على درجة الماجستير في القانون من جامعة هارفارد الأمريكية، لتصبح من أوائل السعوديات اللاتي تخرجن من هذه الجامعة المرموقة، عرفت خلال دراستها بشخصيتها الهادئة وقدرتها على الحوار، وكانت ترى أن القوانين الدولية يمكن أن تتكامل مع مبادئ الشريعة الإسلامية متى ما فُهمت بروح العدالة لا بحرف النص.
مسيرتها الأكاديمية والمهنية
بعد عودتها إلى المملكة، بدأت الدكتورة الهنوف مرحلة جديدة من العطاء، حيث عملت محاضرة في كلية القانون بجامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن، ودرّست مواد القانون الجنائي والفقه المقارن، تميزت بأسلوبها المبسط في إيصال المعلومة وتشجيعها الدائم لطالباتها على النقاش والبحث العلمي.
كما شاركت في مؤتمرات دولية وقدمت أوراقًا بحثية تناولت مواضيع مثل تكامل الشريعة الإسلامية مع القانون الدولي وتمكين المرأة السعودية قانونيًا، معتبرة أن التمكين الحقيقي يبدأ من الفهم الواعي للحقوق لا من المساواة الشكلية.
إنجازات وإسهامات
لم يقتصر دور الهنوف على التعليم، بل كانت حاضرة في العمل الاجتماعي والتطوعي، حيث قدّمت استشارات قانونية مجانية للسعوديين في الخارج ضمن مبادرات مثل “سعوديون في أمريكا”، كما أسست فريقًا بحثيًا لدراسة توطين القوانين التجارية الدولية بما يتوافق مع القيم الإسلامية.
ونُشرت أبحاثها في مجلات علمية متخصصة تناولت قضايا العدالة في العقود التجارية وحقوق الملكية الفكرية من منظور شرعي، زميلاتها في جامعة الأميرة نورة وصفنها بأنها “أستاذة وإنسانة لا تُنسى”.
تفاصيل وفاة الدكتورة الهنوف الهزاع
توفيت الدكتورة الهنوف مساء الخميس 17 أكتوبر 2025 أثناء قضائها إجازة في الولايات المتحدة، بعد تعرضها لعارض صحي مفاجئ يُرجّح أنه أزمة قلبية حادة، أعلنت شقيقتها “سماء الهزاع” الخبر عبر منصة “إكس”، مرفقة آخر صورة للراحلة،
نُقل جثمانها إلى المملكة حيث أُقيمت مراسم العزاء وسط حضور أكاديمي وشعبي واسع، ودعوات صادقة بالرحمة والمغفرة لمن كانت تمثل نموذجًا للعلم والخلق والإنجاز.
إرث علمي وإنساني خالد
رحيل الهنوف الهزاع لم يكن مجرد فقدان لأستاذة جامعية، بل خسارة لقامة فكرية كانت تسعى لربط القانون بالقيم الإسلامية وتعليم الأجيال كيف يكون العلم وسيلة لخدمة المجتمع، سيبقى اسمها حاضرًا في ذاكرة طلابها وزملائها، وفي كل من آمن أن المرأة السعودية قادرة على أن تكون صوتًا علميًا مشرفًا في المحافل الدولية.