قصص نجاح ملهمة في تمكين المرأة
في عالم يتسم بالتغيرات الاقتصادية والاجتماعية السريعة، تظهر قصص نجاح مثيرة تعكس قدرة المرأة على تغيير ملامح القطاعات الأساسية. ومن أبرز هذه الشخصيات هدى الغصن، الرائدة السعودية التي تحدت الصورة النمطية لصناعة النفط والغاز ونجحت في أن تلعب دورًا محوريًا في هذا المجال. انضمت الغصن إلى شركة أرامكو في عام 1981، في وقت كان فيه دور المرأة محدودًا، لكنها استطاعت أن تحول تلك البداية إلى مسار مهني مشرق، حيث نُصبت مديرًا تنفيذيًا للموارد البشرية في عام 2012. يُعتبر هذا الإنجاز ليس مجرد نجاح فردي، بل علامة بارزة تُبرز مساهمة المرأة السعودية في تعزيز الاقتصاد الوطني وتحقيق أهداف رؤية المملكة 2030.
تطور مسيرة احترافية نحو الريادة
تدرج الغصن في المناصب داخل أرامكو يمثل التزامًا بالتميز والإبداع؛ حيث بدأت في مجال تطوير الكوادر البشرية، وفي عام 2006 تولت منصب مديرة سياسات وتخطيط الموارد البشرية، حيث ساهمت بشكل كبير في تحديث سياسات التوظيف. وفي عام 2009، كانت أول امرأة تتولى منصب المديرة العامة للتدريب والتطوير داخل الشركة، مما أثبت قدرة المرأة على قيادة المشاريع الاستراتيجية حتى في البيئات التقليدية. وفي عام 2012، تولت الغصن منصب المدير التنفيذي للموارد البشرية، حيث كانت مسئولة عن إدارة رأس المال البشري لأكثر من 60 ألف موظف حتى تقاعدها في ديسمبر 2017.
مبادرات مبتكرة لتعزيز الثقافة المؤسسية
لم يتوقف نجاح الغصن عند مجرد المناصب، بل شمل أيضًا تغيير الثقافة المؤسسية داخل أرامكو. فقد أطلقت برامح “Women in Business” و “Women in Leadership”، التي هدفت إلى وضع مسارات مهنية واضحة للنساء في الشركة. وفقًا لتقرير من McKinsey & Company، ساعدت هذه المبادرات على زيادة عدد القياديات في أرامكو بشكل ملحوظ. كما أنها دعمت برنامج STEM Pipeline الذي يشجع الفتيات على دخول مجالات العلوم والتكنولوجيا، وهو ما يتماشى مع رؤية السعودية 2030.
تمكين قائم على التحولات الوطنية
تميزت مبادرات الغصن بأنها لم تكن استجابة لتيارات متنوعة فقط، بل كانت متوافقة مع المتغيرات التي تمر بها المملكة. وحسب تقرير صادر من Arab News، ساهمت برامجها في تقليص الفجوة بين الجنسين في قطاع الطاقة، ما أدى إلى تعزيز مكانة المرأة وفق رؤية 2030. هذا التكامل بين المبادرات الداخلية ومتطلبات التحولات الوطنية زاد من نجاح برامجها واستدامتها.
رؤية تركز على رفاهية العاملين
أحد الأمور التي تميزت بها أفكار الغصن هو التركيز على رفاهية الموظفين. وقد بينت خلال مؤتمر رفاه القوى العاملة في الكويت أن الاستثمار في صحة وسعادة العاملين يعود بعوائد اقتصادية من خلال زيادة الإنتاجية وتقليل معدل دورات العمل. هذا المفهوم الإنساني أثناء إدارة الموارد البشرية عزز من سمعة أرامكو كشركة عالمية تهتم بجوانب الإنسانية، مما جعلها بيئة أكثر جذبًا للكفاءات.
تأثيرها يمتد إلى المجالس الدولية
لم تتوقف إسهامات الغصن عند أرامكو فقط، بل استمرت بعد تقاعدها في ديسمبر 2017، حيث شاركت في مجالس إدارة العديد من الشركات الكبرى، مما يدل على استمرار تأثيرها على استراتيجيات تنمية الكوادر البشرية محليًا ودوليًا.
جوائز تعكس حجم التأثير
نالَت الغصن العديد من الجوائز والتكريمات، مثل إدراجها ضمن قائمة Forbes الشرق الأوسط لأقوى النساء العربيات. هذه الجوائز تصب في إطار التأكيد على تأثير مسيرتها في تشكيل مفهوم القيادة النسائية على مختلف الأصعدة.
إرث مؤسسي للأجيال المستقبلية
ما تتركه هدى الغصن هو أكثر من مجرد سياسات تنفيذية؛ إنه إرث ثقافي سيستمر في التأثير على أرامكو لعقود. ومن المتوقع أن تؤدي إستراتيجياتها إلى خلق بيئة أكثر توازنًا واستدامة في قطاع الطاقة، مما يعزز قدرة المملكة على المنافسة في الأسواق العالمية. هكذا تمثل الغصن رمزًا للتمكين وتحولًا وطنيًا قويًا نحو دمج المرأة في القطاعات الريادية.