العاصفة الشمسية: الظاهرة الكونية وتأثيرها على الأرض

العاصفة الشمسية: الظاهرة الكونية وتأثيرها على الأرض

في تطور ملحوظ لأحداث الطقس الفضائي، أصدرت الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي الأمريكي (NOAA) تحذيراً بشأن وصول أقوى العاصفة الشمسية لهذا العام إلى الأرض، وتُعرف هذه الظاهرة أيضاً باسم العاصفة المغناطيسية الأرضية، وهي اضطراب هائل يطرأ على المجال المغناطيسي لكوكبنا عندما تضربه رياح شمسية قوية، تُعرف علمياً بـ الانبعاثات الكتلية الإكليلية (CMEs)، يُعتبر هذا الحدث، الذي بدأ انبعاثه من الشمس في 12 نوفمبر 2025، مثالاً واضحاً على تفاعلاتنا المستمرة مع النشاط الشمسي.

ما سبب حدوث العاصفة الشمسية؟

تنشأ العاصفة الشمسية من المناطق النشطة على سطح الشمس، وهي بقع مليئة بحقول مغناطيسية متشابكة ومعقدة، عندما تنفجر هذه الحقول بشكل مفاجئ، تُطلق كمية هائلة من الجسيمات المشحونة بالطاقة، كالبروتونات والإلكترونات، في الفضاء، يمكن أن تصل سرعة اندفاع هذه الجسيمات إلى أكثر من ألفي كيلومتر في الثانية.

تتجه هذه السحب العملاقة من البلازما والطاقة، وهي ما يسمى بالانبعاثات الكتلية الإكليلية، نحو الأرض، وتستغرق عادةً ما بين يوم إلى ثلاثة أيام للوصول، يتم تصنيف قوة العاصفة الشمسية الحالية على أنها من الفئة “جي 4” (G4) على مقياس NOAA، مما يعني أنها “شديدة”، ويعدها بعض الخبراء الأقوى ضمن سلسلة العواصف الشمسية التي شهدها العام 2025.

تأثيرات العاصفة الشمسية على البنية التحتية التكنولوجية

على الرغم من أن المجال المغناطيسي والغلاف الجوي للأرض يعملان كدرع واقٍ، إلا أن العاصفة الشمسية القوية تحمل تأثيراً محتملاً على قطاعات تكنولوجية معينة:

  1. قطاع الطيران: قد تتسبب العاصفة الشمسية في حدوث اضطرابات في أنظمة الاتصالات والملاحة الجوية (مثل GPS)، خاصة في المسارات القريبة من المناطق القطبية، هذا يستدعي من شركات الطيران اتخاذ تدابير احترازية وتغيير مسارات بعض الرحلات.
  2. الأقمار الصناعية: تزيد الجسيمات المشحونة من العاصفة الشمسية من ظاهرة “السحب” على الأقمار الصناعية، مما يؤثر على مداراتها ويحتمل أن يسبب مشاكل في التوجيه والأداء، هذه المشاكل يمكن أن تؤدي إلى تباطؤ خدمات الإنترنت الفضائي أو انقطاعها.
  3. شبكات الكهرباء: يمكن أن تؤدي التغيرات في المجال المغناطيسي الأرضي إلى عدم انتظام في الجهد الكهربائي، مما قد يتسبب في تلف المحولات وانقطاعات في التيار الكهربائي في مناطق واسعة، كما حدث في عواصف سابقة.
  4. لهذه الأسباب، يُعد إصدار منصات الطقس الفضائي لتحذيرات مبكرة أمراً حيوياً، إذ يتيح للجهات المعنية فرصة لاتخاذ الإجراءات الوقائية اللازمة.

العاصفة الشمسية والدورة الشمسية وصحة البشر

تُعد العاصفة الشمسية جزءاً من دورة النشاط الشمسي الطبيعية، والتي تتكرر كل 11 عاماً تقريباً حالياً، نحن في فترة الذروة لـ الدورة الشمسية الخامسة والعشرين، التي بدأت في ديسمبر 2019، مما يفسر تزايد وتيرة وقوة هذه الظواهر، وخلال هذه الفترات، يمكن أن نشهد ظاهرة الشفق القطبي الساحرة في مناطق أبعد نحو خط الاستواء مما هو معتاد، حيث تتفاعل الجسيمات المشحونة مع الغلاف الجوي العلوي.

من الناحية الصحية، فمن المهم التأكيد على أن العواصف الشمسية لا تُشكّل خطراً مباشراً على صحة البشر على سطح الأرض، ولا تُحدث تغييرات في الطقس اليومي كدرجات الحرارة أو الأمطار، الغلاف الجوي للأرض هو خط دفاع قوي ضد الإشعاعات الضارة ومع ذلك، هناك بعض الأبحاث التي تشير إلى ارتباطات محتملة غير مباشرة بالتغيرات البيولوجية مثل تأثيرات على الساعة البيولوجية أو زيادة حالات الوفاة المرتبطة بالقلب والأوعية الدموية في بعض الفئات الحساسة، لكن هذه الروابط لا تزال قيد الدراسة والبحث العلمي.

جدير بالذكر أن الأرض شهدت في مايو 2024 أقوى عاصفة جيومغناطيسية منذ أكثر من 20 عاماً (G5)، والتي قدمت لعلماء الفضاء بيانات هامة حول كيفية تفاعل الأرض مع قوة الشمس، هذا النوع من الأحداث يُعزز الحاجة المستمرة لفهم أعمق لظاهرة العاصفة الشمسية وكيفية الاستعداد لتأثيراتها التكنولوجية.

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *