
هل ستتصرف الجمعية العامة للأمم المتحدة؟
أعربت اللجنة الوزارية العربية – الإسلامية عن أسفها الكبير إثر قرار وزارة الخارجية الأمريكية بعدم منح تأشيرات دخول لوفد دولة فلسطين، الذي يعتزم المشاركة في الدورة الثمانين للجمعية العامة للأمم المتحدة المزمع عقدها في نيويورك خلال سبتمبر الجاري. وطالبت اللجنة الإدارة الأمريكية بإعادة النظر في هذا القرار والتراجع عنه، مشددة على ضرورة احترام الالتزامات المرتبطة باتفاقية مقر الأمم المتحدة وتوفير المناخ المناسب للحوار والدبلوماسية.
توضح هذه المواقف الصارمة من اللجنة الوزارية وبقية دول العالم المؤيدة للعدالة والحقوق تحت مظلة الأمم المتحدة، التي ينبغي أن تكون مستقلة وغير خاضعة لأي تأثيرات قد تضعف من مركزها. ولكن هل من الممكن أن تتراجع الإدارة الأمريكية عن قرارها الجائر، أم ستكرر سيناريو عام 1988 حين رفضت منح تأشيرة لياسر عرفات، فما كان من الجمعية العامة إلا أن انتقلت إلى جنيف وصوتت بالأغلبية وعرفات تمكن من إيصال صوته وشرح القضية الفلسطينية؟
لا تبدو إدارة الرئيس ترمب مرنة بما يكفي للنظر من جديد في قرارها الظالم، الذي يأتي في وقت بالغ الحساسية. حيث يسعى العقلاء إلى إيجاد حلول فعالة لتحقيق السلام في فلسطين بالاستناد إلى الشرعية الدولية وحل الدولتين. من خلال هذا القرار، تعرقل الولايات المتحدة المبادرة التي قادتها المملكة وفرنسا وسعت لإنجاحها عبر جهود دبلوماسية مكثفة، كما تعرقل جهود المجتمع الدولي الرامية إلى تحسين الأوضاع الكارثية في غزة والمناطق المحتلة. هذا القرار يتصادم أيضًا مع مشاعر الرأي العام العالمي الذي بدأ يتعاطف مع المعاناة الفلسطينية، ما يشكل ضغطًا مضاعفًا على الحكومات.
المثير للقلق هو التسريبات حول خطة أمريكية تتعلق بغزة، تتضمن فرض وصاية عليها لفترة طويلة وإفراغ سكانها بشكل ممنهج، مع تقديم ضمانات لإسرائيل بشأن سلامتها بالطريقة التي تحددها. وهو تطور أخطر مما تم ذكره، إذ يعيد الأمور إلى مسارات غير مسبوقة في المنطقة. لذا، هل يمكن التفكير في نقل اجتماع الجمعية العامة من أجل دعم حل الدولتين خارج نيويورك كما حصل سابقًا لتحقيق العدالة والمساواة، أم أن الإدارة الأمريكية ستتخذ القرار المفاجئ بتغيير موقفها؟
هل ستتحرك الجمعية العامة لتحقيق العدالة؟
من الواضح أن هذه المواقف تتطلب تحركًا قويًا من الجمعية العامة للأمم المتحدة، خاصة في ظل الظروف الراهنة التي تعيد التأكيد على أهمية حقوق الفلسطينيين. في حالة استمرار السياسة الأمريكية الحالية، قد تفقد الولايات المتحدة دورها في إدارة القضايا الدولية العادلة، مما يعزز من الحاجة إلى إعادة تقييم الفهم الدولي لهذه القضية. يتطلب الأمر دعوات متزايدة من أجل دعم الحق الفلسطيني، لتأسيس شراكات عالمية ترنو إلى إيجاد حلول دائمة للأزمات، خاصة في وقت تشهد فيه القضية الفلسطينية منازعات مستمرة تستدعي التحرك الفوري والدعم الفعال من المجتمع الدولي.